- أخبرني يا سالم، ما رأيك في التحالف مع ألمانيا أم تفضل إنكلترا؟ ولو كنت أنت السلطان هل ستضاجع الجواري أم ستدخن السجائر؟
صمت سالم وأفسد عليَّ متعتي لابد أنه اعتقد أني قد مسني الجنون، صرفته بعدما شعرت بالملل، وقلت له:
- هيا اذهب واحضر لي بعض الجرار واملأها ذهبًا، ثم نظف الخيمة واذهب للاعتناء بفرسي الجميلة.
تجاهلني الحقير؛ خرج ولم ينحن ولم يقل: سمعًا وطاعةً سيدي، ولم يكن أمامي إلا أن أُحضر خادما من خيالي وأجلسه على الأرض وأواصل حديثي معه، وكان أكثر براعة من سالم، وقهقهت كثيرا على أجوبته، وحين مللت منه صرفته بعدما كافأته بقطعة شوكولاتة لم يأكلها سواي.
سقطتُ عن الصندوق وغططت في نوم لذيذ أفسده علي الأبله حين أيقظني باكرًا لتوزيع الطعام، غسلت وجهي، وذهب ليحضر قهوتي التي لا أحب فيها سوى الإحساس بأن هناك مَنْ يقوم على خدمتي، وحين طالب بالسجائر كما وعدته أمس لم أعاقبه على أدائه السيئ، وغفرت له بعدما دافع عن نفسه قائلاً:
- (والله ما فهمت عليك شو هذا ألمانيا وبلكلترا وببيذ ما فهمت والله!!)
كان مزاجي رائعا في صبحِ الأربعاء بعدما مرَّ الأمس ولم تزورني الموتى في منامي، تجولت في المخيم حَذِرًا ومن بعيد ألقيت نظرة سريعة على قبر سلامة، وتأكدت أن لصنا النظيف مازال مختبئًا، وفي ساعات الظهيرة عاد الدليل، ولم يدم اطمئنان قلبي بعدما علمتُ أن تغيير الخطط لا علاقة له بالهارب؛ فقد أقلقني ما تبادر إلى أذني بأننا ربما سنضطر إلى التخييم عدة أيام بِناء على أمر من شكيب، وهذا وقت طويل يتجاوز قدرة عبد القادر على البقاء في قبر مغلق بجوار جثة سيدب فيها العفن بعد ثلاثة أيام، ولم يتبق سوى يومٍ واحد...أخشى أن ينتبه جودت أو الكعب فينتهي أمري.
زاد الطين بلَّةً أن نعناعة قد صحبت طبيلة ليزور قبر سيده، فخلعتُ شخصيتي السانتورية وأسرعت إليها وأخبرتها أن ما تقوم به سيزيد الأمور تعقيدا؛ لأن طبيلة قد تعود على غياب سلامة، ومن الأفضل ألا نذكره؛ هدفتُ إلى إبعادها عن القبر حتى لا تلاحقها عينا الكعب ويلفت القبر انتباهه، ولم أفعل ذلك حرصا على عبد القادر، وإنما حرصا على حياتي.
وبعد عصر اليوم جاءني الكعب وسألني:
- هل اخترت أحدًا؟
لم يخطر لي ببال أن يعود ويسأل عمن سُيذبح، وعندما أعاد السؤال أبلمتُ فقال:
- مَن اخترت لأُشرفك بذبحه وتذوق دمائه؟
كلماته حفزت خيالي على خلق الكثير من المشاهد المرعبة، ولم أجد ما أرد به عليه، وأمام عجزي وصمتي قال:
- إما أن تختار أو سأختار أنا.
وما كنت لأتركه يختار خوفًا من اختياره خادمي سالمًا، فقلت:
- اخترت سعدون.
هز رأسه وقال:
- ومن منهم هذا السعدون؟
فأجبته أنه صاحب العينين الخضراوتين، فقال:
- لا لا اختر غيره فهذا أريده لاكتمال البدر القادم.
احترتُ مَنْ يتوجب عليَّ اختياره ؛ فنعمه يخدم أهدافي حاليًا، وأحمد شيخه يغسل الملابس، وأحمد الكبير مسالم ويشبه سلامة، فاخترتُ الأمهق، وأنا على يقين بأنه لن يجرؤ على الاقتراب منه لحاجة جودت إليه في نقش الرموز؛ لم يرق له اختياري، وحكَّ رأسه، وبدا عليه الحرج ثم قال:
- إذًا سأشرفك بذبح سعدون.
انصرف وترك خلفه خيالي غارقًا في دماء سعدون مما أصابني بالاشمئزاز والحزن لكن كراهيتي لسعدون خففت من وخز ضميري، وبعد غروب الشمس طلب جودت أن أعطي جرة الذهب للكعب، وأوصاني أن أهتم بإيليا، وأن أجاوره حتى ينتهي من نقش الرموز، انطلقنا ولم أجد سببا يمنع جودتْ من مرافقتنا سوى حرصه على حراسة الذهب.
كانت وجهتنا أعلى السيل، وغاظني كثيرا ما لاحظت من فرح سعدون لمرافقتنا، هذا المقدوني اللعين لا شيء يسعده أكثر من معرفة مكان دفن الجرار، وبالرغم من أنه لم يفصح عن نواياه إلا أني كنت على يقين -من خلال مراقبتي- بأنه على ثقة بنجاته وعودته ليسرق ذهبي، ولكن في زاوية ما من نفسي أتمنى ألا يقتله الكعب، وفي الوقت نفسه أدعو الله أن يتعثر ويموت، لا شيء يسرني أكثر من الخلاص منه، ولكن لا أريد أن أكون سببا في هذا.
وصلنا أعلى السيل وعبرنا طريقًا ضَيقةً لم نتمكن من عبورها إلا بِشِق الأنفس، ولم نتجاوز التلة حتى اعترض طريقنا غراب مسلح، وإشارة واحدة من يد الكعب كانت كافية ليعود ويختفي خلف الصخور، صعدنا ما يقارب الساعة، وساعة أخرى ألقتْ بنا على مشارف مساكن العرب، وسرنا أقصى اليمين حتى وصلنا إلى نبعة ماء مكثنا بجوارها قليلاً، ثم اعتلينا إحدى التلال، وكان القمر أقرب إلى البدر فدعاني إلى إطالة النظر، وعندما نظرتُ إلى الأسفل علمتُ أن نهر الأردن يبعد عن هذه التلال مسيرة نصف يوم، وأننا نطل على أقدم مدينة في التاريخ، وأن المكان الذي تركنا فيه جودت لا يبعد عن أريحا مسيرة ساعة وربما أقل.
لاحظت أن الكعب لم يقطع بنا كل هذه المسافة للبحث عن مكان لدفن الجرة وإنما كان يستكشف المنطقة لغاية ما في رأسه، وصدق ظني عندما عدنا أدراجنا وفي منتصف طريق العودة طلب منا أن نحفر وأشار إلى صخرة قائلاً للفتى الأمهق: انقش الرموز التي أعطاك إياها جودت، وانتظر الفتى إيليا حتى بدأنا الحفر وبدأ يرسم خريطته على ورقة، ثم سار بخطي منتظمة أبعدته عنا، واختار صخرة أخرى غير التي أشار إليها الكعب، كان واضحا أنه تعلم من جودت الكثير، وبدأ يصلنا صوت عزف الإزميل والشاكوش، حفرنا ودفنا الجرة، ومثل كل مرة رافقنا بها سعدون، وأخذ يجول ببصره، وحرص على تدقيق النظر ليرسم بعض علامات في مخيلته حتى ترشده طريق العودة للذهب، ولم يشعر الغبي بأنه على موعد مع خنجر الكعب ليزيل ابتسامته الصفراء ويدخله في سبات أبدي.
بدأت أترقب بدء نهايته وتباطأت الثواني ولم يبدر عن الكعب ما يشير إلى نحره ولكنه فاجئني حينما التقط حجرًا صلدًا وهوى به على مؤخرة رأس سعدون، هذا الوحش الدموي أجبن من مواجهة فريسته وجها لوجه، أفقده توازنه فأوثق وثاقه قبل إفاقته، وبدأ يرقص وينشد الـ "قاقا باقا" وفور انتهائه نظر إليَّ وقال:
- هيا أيها العبد، تشرف بقربانك الأول.
لم أكن مرتعبًا مثل كل مرة، ولكني لم أعِ قصده، هل أرقص أم أنشد الـ "قاقا باقا" لأتشرف بالقربان؟
ألقى بخنجره تحت أقدامي وقال:
- هيا افعل ذلك ببطء ولا تتعجل حتى لا تتدفق الدماء دفعة واحدة.
هنا ارتعبت وارتجفت، فلم يخطر ببالي أنه سيطلب مني هذا الجنون، كدتُ أموت خوفًا عند مراقبة الذبح، فكيف لي أن أفعلها! كرر ما طلبه عدة مرات، ولمَّا نفد صبره للبلادة التي حلَّت عليَّ صرخ بأعلى صوته:
- التقط الخنجر واذبحه.
ارتعدت أوصالي وفي سذاجة طفل يبحث عن مخرج قلت:
- لقد نسينا أن نحضر الوعاء الفضي.
فقال:
- قربانك الأول لا تنفع دماؤه في شيء، هيا اذبحه واترك أسيادك يتذوقون دماءه الطازجة.
تصلبت فصرخ بي مرة أخرى فانحنيت والتقطت الخنجر واقتربت من سعدون، ولم ترتسم في مخيلتي أية صورة لتدلني على ما يجب فعله، أو كيفيته، وبدأ سعدون يستعيد وعيه ويفتح عينيه بتثاقل، فتلاقت عيناي بعينيه وحين لمح الخنجر في يدي ولم تعد تفصلني عنه خطوات بدأ يبكي ويرجوني ألا أفعل، وعندما وصلتُ إلى جواره لم أجرؤ على لمسه، ولم تقوَ ساقي على حملي فجلستُ بجانبه، ولم نتوقف سويًا عن البكاء، والكعب يراقب في صمت ثم انتفض فجأةً وبصق على الأرض بقوة واندفع نحونا كخنزير بري، فصرخ كلانا، وأمسك اللعين بشعري وشَدَّ رأسي للخلف ووضع نصل الخنجر على عنقي وقال:
- أترغب أن تكون بدلاً منه؟
تجمدت الكلمات في حلقي وانسابت دموعي بغزارة، وأصابتني رجفة، واصطكت أسناني، وبللتُ بنطالي، وأمسك الكعب بكف يدي وألقى فيه الخنجر، ولمَّا لم أقوَ على ضم أصابعي أحكم قبضته عليها، وباليد الأخرى أمسك رأس سعدون الذي بدأ يرفس ويصرخ بأعلى صوته:
- لا... لا... لا...
لم يهدأ إلا بعدما عالجه الكعب بضربة أخرى على رأسه، فاستسلمت وأغمضت عيني، وشعرت بأنني صبي صغير تضع امرأة في يده سكينا وتقوم خلاله بذبح دجاجة لتحللها، وحينما أصابت وجهي دماء سعدون الساخنة جاهدتُ نفسي، ورحلتُ بخيالي بعيدًا حتى ينتهي من الذبح فضربني على صدري وحثني على فتح عيني للمراقبة، لم أستطع النظر إلى الجثة واكتفيت بمراقبته وهو يقوم بطقوسه المعتادة، وبعدما أنهاها غمس أصابعه في الدم وقرَّبها من فمي وأصر على أن أتذوق دماء سعدون، ولم يكن هناك مفرٌ من تذوق طعمَ الدِّماء للمرةِ الأولى فارتسمت على شفتي البغيض ابتسامة شيطانية وقال:
- ستعتاد هذا الطعم وتسعى إليه بنفسك.
دفنا سعدون وأخفينا كُلَّ أثر، ولم يبقَ ما نفعله سوى اصطحاب الفتى الأمهق والعودة، وحين اقتربنا من الصخرة التي ذهب لينقش عليها سابقا وجدناه واقفًا كجذع شجرة، وعيناه جاحظتان نحونا، فأشار إليه الكعب ليتبعنا ولكنه بقي متسمرا، فاقترب منه الكعب وصفعه ليفيق مما أصابه، وكرر صفعه مرات، وأغرقه بما نحمل من مياه فلم يفق وكأنه صار تمثالاً لا روح فيه فدفعه فسقط على الأرض كلوح خشبي، لم نترك طريقة ليستعيد وعيه ولم تبدر عنه ردة فعل، وممَّا أثار دهشتي أن الكعب بكل قوته لم يستطع ثني ذراعه أو ركبته ولم يتبق إلا أن ندلِّك جسده كي يرتخي! وحينما باءت كل محاولاتنا بالفشل حملناه على الحمار، وأحكمنا شدَّه بالحبال بعدما تحول إلى عامود رخامي.
وطأنا أرض السيل حيث تركنا القافلة ولم يعد الفتي لطبيعته، وبناءً على أوامر الكعب نقلته إلى خيمتي لأعتني به؛ مددتُ له بساطًا وجررته فوقه، وجلستُ بجواره، ووجدت نفسي أمام سر مدهش؛ كيف يمكن أن يتخشب إنسان فجأة بهذه الطريقة الغريبة! قربت النار من يده وساقه ووجهه حتى كادت تحرقه دون ردة فعل، لم أجد تفسيرا لما حدث لإيليا سوى أنه شاهد ذبح سعدون، وارتعب لهول ما رأى، وإن كان النطق يتجمد عندي جرَّاء الخوفِ، فلا عجب أنَّ يتجمد جسد صبي لبشاعة ما رأى، أخرجت الورقة من جيبه، وأثار إعجابي خطه المُنمَّق، كان قد دوَّن عدد الخطوات وبعض الرموز والأسهم، ورسم التلال والصخور والطرق، وأشار إلي الجبال البعيدة بخطوط تفصح عن بُعدها.
أشرقت الشمس وأيقظني سالم لتوزيع الطعام، ولمَّا لم أكن بمزاج يسمح لي بممارسة طقوس القهوة والباشوية فأمرته بالتوزيع وحده، وتفقدت الفتى فإذا به على حاله ولم يتغير فيه شيء سوى أنه بال في ثيابه، تركته وخرجت لأقضي حاجتي وتفقدت قبر سلامة من بعيد، ثم ذهبت إلى الكعب الجالس بجوار الخيمة وكنت أتمنى لو كان داخلها لأتمكن من إلقاء نظرة خاطفة على نعناعتي وهي نائمة، أخبرته أن إيليا مازال على حاله، ففرك أنفَه وقال:
- هل تأكدتَ أنه يتنفس؟
فقلتُ:
- نعم، ولكن جسده مازال متخشبًا وقد ظهر بعض الإزرقاق على ذراعه الأيمن، فقال:
- عُد إليه وأغلق أنفه وفمه لبضع ثواني لعل ذلك يحفز جسده على الاستيقاظ!
أوهمته بأني سأفعل، وما كنت لأتحمل مسؤولية ما قد يصيبه من جراء كتم أنفاسه، سأراقب وأنتظر لحين اكتشاف جودت ما حدث لصبيه الأمهق، وسأرى كيف ستكون ردة فعله حينها، مارست أعمالي اليومية وحرصت على توفير الطعام لطبيلة وأفرحني أنه بدأ يتعلق بي كثيرا ويسير خلفي كلما انتقلت من مكان إلى آخر كما اعتاد أن يفعل مع سلامة، عدت إلى إيليا وخلعت الحذاء من قدميه، وطويت بساطًا وجعلت منه وسادة لرأسه وغطيته بلحافي الخاص وبجانبه وضعت ماءً وطعامًا ولم أفعل هذا شفقة به وإنما لغاية في نفسي.
حين استيقظ جودت أعددت قهوته وأخذت جواربه وكلفت أحمد شيخه بغسلها، وبعد ذلك طلب مني جودت أن أحضر إيليا، فأخبرته بأنه مريض وقد سهرت طوال الليل للاعتناء به، لم يكترث وانتقل إلى موضوع آخر وكان لابد لي أن أعيده إلى إيليا من جديد فقلت:
- لا أعتقد أن إيليا سيشفى يا سيدي.
- وما به؟
- يبدو أن جان الشيخ طبرق قد أصابه وحوَّله إلى تمثال حجري يا سيدي.
ضحك ولم تصدر عنه إشارة تدل على اهتمام فتمددت على الأرض وفتحت فمي وشددت عضلاتي مقلدا ما حدث لفتاه فسألني عمَّا أفعل فقلتُ:
هذا ما أصاب إيليا سيدي، وهنا نجحت في شد انتباهه وخرج مسرعا للاطمئنان عليه، فأخذته إلى خيمتي ليرى كيف أعتني بفتاه الأمهق، وحينما وقع بصره عليه جن جنونه، وبدأ يحاول إخراجه من حالة التيبس، ولم ينجح وسألني:
- كيف حدث ذلك؟
فقلت له:
- هذا من فعل الجان يا سيدي .
فصك أسنانه وسأل:
- ماذا فعل طبرق بالأمس؟
- حفرنا ودفنا الجرة وقام بصلاة الـ "القاقا باقا" للجان مثل كل مرة يا سيدي.
- ألم يفعل شيئًا آخر أمام إيليا؟
- مثل ماذا يا سيدي؟
- أصابت إيليا صدمة رعب وفزع، ماذا فعل طبرق أمامه؟
- دفنَّا الجرة وذبح سعدون فقط وعدنا يا سيدي.
- ومن هذا السعدون؟
فقلت:
- الحمَّال صاحب العينين الخضراوتين.
هنا بدأ الشرر يتطاير من عينيه، ولم يتوقف عن فرك وجهه وحك رأسه، وأدركت أنه متفاجئ من الذبح الأخير، ورقص قلبي فرحا؛ فكلما زاد الخلاف بين الاثنين أكون أكثر أمنًا، مرت دقائق من الصمت ثم أمرني بإبلاغ الكعب أن يأتي للقائه وعاد إلى خيمته، وكدت أخطأ في قولي: "ولكني لم ألحظ أنك تجتمع بطبرق في خيمتك سابقا يا سيدي" لولا أني ابتلعت الكلمات في اللحظة الأخيرة.
ذهبت إلى الكعب وأخبرته بما طلب مني، فسأل متهكمًا:
- ماذا يريد الكلباشا الشاذ مني؟
فقلت:
- ربما يريد أن يسألك عما حدث لإيليا يا سيدي.
فقال مهددًا وساخرًا:
- وماذا أخبرتَه أنت؟
فقلت:
- أخبرته الحقيقة.
- وما الحقيقة التي أخبرته بها؟
- أخبرته بأن عددًا كبيرًا من الجان قد اجتمع لحراسة الذهب ويبدو أن إيليا اقترب منهم دون إذن من سيدي الشيخ طبرق فعاقبوه.
لم يخفِ النظرة البلهاء التي أطلت من عينيه وسأل:
- هل رأيتهم فعلا أم أنك تخيلت ذلك؟
فأجبته:
- لقد رأيتهم وكان عددهم يزيد عن الثلاثين، وثلاثة منهم كانوا يسيرون خلفك أينما تذهب يا سيدي.
رماني بنظرة غامضة لا تخلو من حيرة فارتعبتُ قليلا، لا شك أنه سأل نفسه هل هذا الأحمق يسخر مني أم أنه رأى الجان فعلاً؟! حاول أن يبحث في عيني وعبر ملامحي عن أثر لخداع ولكني كنت بارعًا في تقمص كلِّ ما نطق به لساني، وحُسم الموقف لصالحي وفاحت منه رائحةُ الغرور، وانطلق تاركًا عباءته تسير خلفه وكأنه اعتقد أنَّ في أذيالها قبيلة من الجان تتبعه.
<<<<<<<<نهاية الحلقة 35>>>>>>>
Comments